وضع داكن
15-10-2025
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 018 أ - اسم الله الحيي 1
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. 
 

من أسماء الله الحسنى الحيي:


أيها الإخوة؛ مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم الحيي، هذا الاسم لم يرد في القرآن الكريم، ولكنه ورد في السنة، فقد سماه النبي صلي الله عليه وسلم سمّى ربه بالحيي،

(( فيما رواه أبو داود من حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بلا إزار -بلا ثياب-فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر -أي عن نظر الآخرين- فإذا اغتسل أحدكم فليستتر. ))

[ صحيح أبو داود ]

وقد ورد هذا الاسم مطلقاً مراداً به العلميّة دالاً على كمال الوصفيّة،

(( وفي سنن أبي داود من حديث سلمان الفارسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً. ))

[ صحيح الترمذي ]

أي الله يستحي من عبده إذا سأله ألا يجيبه، إذا دعاه ألا يلبيه، إذا استغفره ألا يغفر له، إذا تاب إليه ألا يتوب عليه، لذلك قالوا: ما أمرنا أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا، وما أمرنا أن نستغفره إلا ليغفر لنا، وما أمرنا أن نسأله إلا ليعطينا،

(( ورد في بعض الأحاديث الصحيحة أنه: إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له؟ حتى يطلع الفجر. ))

[  أحمد: صحيح لغيره ]

 

بطولة الإنسان أن يسأل الله عز وجل عملاً صالحاً يتقرب به إليه:


المؤمن أيها الإخوة؛ له مناجاة مع الله عز وجل:

﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)﴾

[ سورة يوسف ]

كلام سيدنا يعقوب، فالإنسان حينما تُلِمّ به مُلِمة، يلوح له شبح المصيبة، يخاف شيئاً، يخشى شيئاً، الله عز وجل علّمنا أن نسأله، وأن ندعوه، وأن نستغفره، وأن نتوب إليه، لأنه: ((حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً)) فكما أن الله يستحي منك ينبغي أن تستحي أنت منه، والحياء من الإيمان.
مرة ثانية أيها الإخوة؛ ((إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً)) لذلك البطولة أن تُحسن أن تسأله، اسأله ما يرضيه، اسأله ما يقربك إليه، اسأله خير الآخرة، اسأله أن تعرفه، اسأله أن تستقيم على أمره، اسأله عملاً صالحاً تتقرب به إليه، اسأله العلم، لأن كرامة العلم أعظم كرامة.

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)﴾

[ سورة النساء ]

أي إنسان يسأل ملكاً، الملك ماذا يعطي؟ يعطي بيتاً، يعطي مركبة، تسأله قلماً؟! البطولة أن تسأله بقدر كرمه، أن تسأله بقدر غناه، أن تسأله بقدر محبته لك، أن تسأله لأنه على كل شيء قدير.  

من معاني الحيي المتصف بالحياء:


أيها الإخوة؛ الدعاء هو العبادة، ((إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً)) الحيي المتصف بالحياء، نحن تعلمنا ونذكر هذا كثيراً أن قوله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)﴾

[ سورة الأعراف ]

أي أنت لن تستطيع أن تتقرب إلى الله بأفضل من كمال مشتق منه، هو حيي، فأنت أيها المؤمن يجب أن تتخلّق بهذا الخلق، والحياء من الإيمان، علامة الإيمان الحياء، والحياء مؤشر على الإيمان، فالحيي المتصف بالحياء، صفة خُلُقية رقيقة لطيفة تمنع النفس عن أن تقترف شيئاً مناقضاً لما هو معروف عندها. 
 

لكل إنسان فطرة تتفق مع منهج الله عز وجل:


أيها الإخوة؛ قد لا ينتبه الإنسان إلى بعض المصطلحات، سمّى الله الأعمال الطيبة التي تنسجم مع الفِطر معروفاً، لأن الفِطر السليمة في أصل خلقها تعرفها، القضاء البريطاني يأخذون عشرة من الطريق، يعرضون عليهم جريمة، بحسب الفطر السليمة قد يكشفون الحقيقة، الإنسان له فطرة سليمة، لذلك الحياء أن تمتنع عن فعل شيء تعرفه فطرتك السليمة بداهة ابتداءً من دون تعليل.
البِر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في صدرك، وكرِهت أن يطّلع عليه الناس، لك فطرة، هذه الفطرة تتفق مع منهج الله مئة بالمئة، أي ما أمرك الله بشيء إلا وفطرتك وجِبِلتك ترتاح له، وما نهاك عن شيء إلا وفطرتك وجِبِلتك تنفر منه.
 

الإسلام دين الفطرة:


لذلك سميت الأعمال الطيبة التي أُودِعت قيمتها في فطرة الإنسان معروفاً، وسمّي الشيء الذي تأباه الفِطر السليمة منكراً، من كلمة معروف ومنكر أي هذا الشرع يتوافق مع فطرة النفس توافقاً تاماً، الدليل:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)﴾

[ سورة الروم ]

لأن إقامة وجهك للدين حنيفاً ينطبق على فطرتك: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ .
أن تقيم وجهك للدين حنيفاً، إقامة وجهك للدين حنيفاً هو نفسه ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ .

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8)﴾

[ سورة الشمس ]

المعنى الدقيق الإنسان حينما يفجُر لا يحتاج إلى من يُعلّمه، ولا إلى من يُرشده، ولا إلى من يُذَكّره، ولا إلى من ينصحه، يكتشف بفطرته ذاتياً وبداءة وبداهةً أنه أخطأ، هذه الفطرة، لذلك قالوا: الإسلام دين الفطرة، كل أمر إلهي إن طبقته ترتاح نفسك، فلذلك: 

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)﴾

[ سورة الحجرات ]

 

الحياء علامة الإيمان:


الشيء الدقيق أن الإنسان حينما يصطلح مع الله يصطلح مع فطرته، يرتاح، هذه الراحة لا توصف، والله بعد أن يتوب الإنسان كأن جبالاً أُزيحت عن صدره، صار خفيفاً، لأنه انسجم مع فطرته، تماماً كمركبة من أرقى الأنواع، من أغلى الأنواع، من أحدث الأنواع، سِرت بها في طريق وعر، هذه المركبة السيارة مصممة للطريق المعبد، لا تكتشف ميزاتها إلا بالطريق المُعبّد، سهولة في الحركة، نعومة في الصوت، سرعة في المشي، أما إذا سِرت بها في طريق وعر كله صخور وأكمات وحفر تتكسر، تماماً كالنفس، فلذلك الله عز وجل حيي، هذه صفة من صفات الله عز وجل، واسم من أسمائه، حيي في ذاته وفي صفاته، وقد فطرنا على الحياء، فالإنسان إذا كان وقحاً يسقط من عين نفسه، هناك تعبير معاصر ينهار داخلياً إذا كان وقحاً، بذيء اللسان، قاسي الكلمات،

(( يقول عليه الصلاة والسلام فيما ورد في صحيح البخاري من حديث ابن مسعود: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ))

[ صحيح الأدب المفرد ]

هذا الحديث دقيق جداً، أي الإيمان علامته الحياء، فالذي لا يستحي لا خير فيه، ولا جدوى منه، ولا أمل في صلاحه، علامة الإيمان الحياء.  

الفرق بين الحياء والخجل:


لكن لابد من التفريق بين الحياء كفضيلة وبين الخجل كمرض نفسي، الخجل مرض، أحياناً إنسان يخجل من أن يطالب بحقه، يخجل أن ينطق بالحق، يخجل أن يُصرِّح بالحقيقة، هذا مرض، الخجل يُعدّ نقيصة في شخصية الإنسان، لكن الحياء فضيلة، أنا أستحي ولكنني أطالب بحقي بأدب، أنا أستحي ولكنني لا أستحي من الحق، لذلك: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) .
يوجد معنى آخر دقيق جداً، المعنى الآخر أنك إذا كنت تُرضي عن الله عز وجل لا تعبأ بكلام الناس، هذا العمل إن لم تستحِ من الله منه، أي في بعض المجتمعات الإسلامية التعدد غير مقبول إطلاقاً، لكن إنسان له أخ، وتوفي وله خمسة أولاد، وهو عمهم، لو تزوج زوجة أخيه، ورعى الأولاد، وضمهم إليه لا يوجد مانع، هذا شيء يُرضي الله عز وجل لكن لا يرضي الناس، فإذا لم تستحِ من الله في شيء تفعله فاصنع ما شئت، لا تعبأ بكلام الناس. 
 

المنافق من أرضى الناس جميعاً:


المؤمن يتعامل مع جهة واحدة هي الله عز وجل، المؤمن يخاف الله وحده ولا يعبأ بكلام الناس، وإرضاء الناس غاية لا تُدرك، ومن أرضى الناس جميعاً فهو منافق، يوجد بحياته كلمة لا، لا يستحي بها، شيء يتناقض مع منهجه، قد يرفض دعوة فيها معاص، أي الناس أحياناً يُضحّون بطاعتهم لربهم مراعاة لسمعتهم بين الناس، هذا خطأ كبير، إذا لم تستح من الله كان عملك صحيحاً وفق المنهج تبتغي به رضوان الله عز وجل فاصنع ما تشاء، شخص سأل النبي الكريم: عندي يتيم أفأضربه؟ قال: مما تضرب منه ولدك، إذا ابنك أردت أن تؤدبه لمصلحته لا عليك، لا تعبأ، ضرب يتيماً، هذا ابني، كما أنني أؤدب ابني أؤدب اليتيم، إذا لم تستح فاصنع ما تشاء، إذا لم تستح من الله، لذلك اعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها، من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها.
 

الحياء صفة عظيمة من صفات المؤمنين:


يوجد حديث طويل لأبي سفيان مع هرقل يقول أبو سفيان: فوالله لولا الحياء من أن يؤثروا عليّ كذباً لكذبت عنه، كان يعارض النبي عليه الصلاة والسلام، فلما سأله هرقل عن رسول الله، قال: لولا الحياء من أن يُؤْثِروا عليّ كذباً لكذبت عنه، الحياء يردع، والحياء ضمانة، الذي عنده حياء هذه صفة عالية جداً، إن سيدنا موسى كان حيياً:

﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)﴾

[ سورة القصص ]

لو أنها قالت: إن أبي يدعوك، يقول لها: ما هي المناسبة؟ صار هناك حوار: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ لذلك: 

﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)﴾

[ سورة الأحزاب ]

إذاً الحياء من صفات المؤمنين. 
 

من لا يستحي لا خير فيه:


لذلك قالوا: العدل حسن لكن في الأمراء أحسن، والحياء حسن لكن في النساء أحسن، والسخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن، والصبر حسن لكن في الفقراء أحسن، والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن، أي الشاب ألزم ما يلزمه التوبة، والمرأة ألزم ما يلزمها الحياء، والغني ألزم ما يلزمه السخاء، والفقير ألزم ما يلزمه الصبر، والأمير ألزم ما يلزمه العدل، ورد: أحبّ ثلاثاً، وحبي لثلاث أشد، أحبّ الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشدّ، أحبّ الكرماء، وحبي للفقير الكريم أشدّ، أحبّ المتواضعين، وحبي للغني المتواضع أشدّ، وأبغض ثلاثاً، وبغضي لثلاث أشد، أبغض العصاة، وبُغضي للشيخ العاصي أشدّ، وأبغض المتكبرين، وبغضي للفقير المتكبر أشدّ، وأبغض البخلاء، وبُغضي للغني البخيل أشد، فالحياء من الإيمان، وإذا لم تستحِ فاصنع ما شئت على معنيين: إن لم تستحِ فلا خير فيك، وإن لم تستحِ من الله فافعل ما شئت، ولا تعبأ بكلام الناس، هناك آيات دقيقة جداً، من هذه الآيات مثلاً:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)﴾

[ سورة البقرة ]

إن لم تنفقوا، أو ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة إن أنفقتم كل أموالكم، لذلك الإسلام وسطي. 
 

حياء الشرع هو الحياء الذي يحفظ للعبد استقامته:


حياء الشرع هو الحياء الذي يحفظ للعبد استقامته، هذا حياء الشرع، لأنه

(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ. ))

[ الترمذي: حسن  ]

أن تضبط عينك، لسانك، أذنك، ((وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى)) أدخلت إليه طعاماً اشتريته بمال حلال، التقيت مع والد صديقي قال لي: أنا عمري ست وتسعون سنة، أجريت فحوصاً شاملة، قال لي: كل النتائج طبيعية، ثم قال لي: لا أعرف الحرام في حياتي، لا حرام المال ولا حرام النساء، من عاش تقياً عاش قوياً، ((اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى)) هناك خواطر سيئة دعك منها، استعذ بالله منها، هناك نظرات مريبة، هناك اطلاع على عورات الآخرين، لذلك قال تعالى:

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾

[ سورة غافر ]

وغضّ البصر مدرسة، مدرسة من مدارس الإيمان، ((الرَّأْسَ وَمَا وَعَى)) العين، يجب أن تستحي من الله أن تستخدمها في معصية الله، واللسان ينبغي أن تستحي من الله، أن ينطق بكلمة لا ترضي الله، والأذن ينبغي أن تستحي من الله بألا تسمع شيئاً لا يرضي الله، ((وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى)) أدخلت إلى بطنك طعاماً اشتريته بمال حلال، لذلك: يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، يقول العبد: يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له؟
ولحكمة بالغة بالغة بالغة جعل الله الحلال صعباً والحرام سهلاً، لو عكس الآية لأقبل الناس على الحلال لا حباً بالله، ولا رغبة في طاعته، ولكن لأنه أسهل، لكن لحكمة بالغة بالغة بالغة جعل الله الحلال صعباً، أي إنسانة تشتغل ساعات طويلة تأخذ مبلغاً، هناك إنسانة أخرى تأخذ هذا المبلغ بربع ساعة ولكن بالحرام، ففرق كبير بين الحلال والحرام. 
 

بطولة الإنسان أن يبدأ من النهاية:


إذاً ((أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى)) ، البطولة أن تبدأ من النهاية، الآن يوجد دورات مشهورة جداً، البرمجة العصبية اللغوية، أي هناك قاعدة فيها: ابدأ من النهاية، شيء دقيق جداً، ابدأ من الموت، ثم اعمل، تؤسس عملاً،  تدرس، تنال دكتوراه، تؤسس شركة، ولكن لأنك بدأت من الموت أنت تراقب الله عز وجل، لا تعصي الله، وتُسرع الخُطا إلى الله، ابدأ من النهاية، وأن تذكر الموت والبلى، فإن فعلتم ذلك فقد استحييتم من الله حقّ الحياء: ((أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى)) وفي كل دروس أسماء الله الحسنى البطولة أن تعرف أسماء الله الحسنى، وأن تتخلّق بكمالاته، ليكون هذا التخلّق بكمالاته سبباً للاتصال به: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾
 

دين الإنسان الحقيقي في بيته وعمله:


مرة ثانية أيها الإخوة؛ الدين الحقيقي ليس في المسجد، في المسجد من أجل أن تتلقى تعليمات الصانع في درس علم، وفي المسجد من أجل أن تقبض ثمن استقامتك وأنت في الصلاة، لكن دينك في مكتبك، دينك في دكانك، دينك في السوق، دينك في بيعك وشرائك، دينك في صناعتك، يوجد مواد مؤذية للإنسان توضع في الأغذية، السعر يزداد، والأرباح تزداد، لكن على حساب صحة الناس، هناك أشياء لا تُعدّ ولا تحصى، هرمونات تُرَش بها النباتات تصبح الحبة كبيرة جداً، ولها ألوان زاهية، لكنها مسرطنة، الهرمونات، فالإنسان دينه في عمله، دينه في بيته، خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.
 

الحياء أن ترى أن الله معك:


لذلك أيها الإخوة؛ الحياء أن تستحي من الله أن تعصيه، أن تستحي من الله أن تستخدم جارحة من جوارحك في معصية الله، الحياء أن ترى أن الله معك، هناك رواية أخرى أن إنساناً-كما قال النبي الكريم-اغتسل أمامه عُرياناً، قال: خذ أجارتك لا حاجة لنا بك، إني أراك لا تستحي من الله.
فالحياء من علامات الإيمان، ودائماً المؤمن يستر جسمه، وغير المؤمن يكشف عورته، الإنسان ببيته له ثياب معقولة، أما غير إنسان قد يقوم بالثياب الداخلية في بيته، أمام أولاده، أمام بناته، يوجد هكذا شيء، ما فيه حياء، والله في جامعة من جامعات دولة عظمى كانت ترفع شعار لا إله، حدثني طالب قال: والله دورات المياه مشتركة، لا يوجد حواجز بينها إطلاقاً، صالون كبير، يوجد فيه خمسون ستون مكاناً لقضاء الحاجة، بلا حواجز، ((اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى)) .

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور